السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. إنني أم لثلاثة أبناء ولدين والصغرى بنت ، الحمد لله ليست هناك مشاكل كثيرة من قبل أبنائي لكن أبني الأوسط اسمه عمر ولعل له من ابنه نصيب فهو غليظ في التعامل مع إخوته.
وفي نفس الوقت رقيق القلب حساس فهو كثير البكاء لأتفه الأسباب وأقلها ، فمثلا : يريد أن يأكل الحلوى قبل الطعام ، وإذا قلت له انتظر حتى تأكل بدأ في البكاء ، وإذا فعل أخاه الأكبر أمرا ولم يستطع هو أن يفعله بكى أيضا.
وإذا أراد أن يغير لباسه في أي وقت شاء ولم آذن له بكى أو حتى لو قلت له انتظر حتى أنهي ما بيدي بكي ، ووصل به الأمر أنه يكون في بيت قريب أو صديق ولم يحصل على ما يريد كما يريد بكى بأعلى صوته ، ولم أجد طريقة توقف بكاءه العالى والكثير.
حاولت معه باللين مثلا : إذا أنت ولد مؤدب لا تبكي هكذا ، كنت سابقا صغير والآن قد كبرت فانتبه حتى لا تكون مثل الصغار ، وأحيانا أتبع معه أسلوب الشدة فأدخله في غرفة لوحده لمدة خمس دقائق حتى لا يزعجني وإخوته وأقول له إذا انتهيت من بكائه تفضل واجلس معنا.
أحيانا يجدي معه وأحيانا لا يجدي وبعد أن يخرج من الغرفة يستمر في البكاء ، عنده استعداد أن يبكي بكاءا متواصلا لمدة 40 دقيقة دون توقف ، وبعد أن ينهي بكاءه يقول عندي صداع أو أنه يريد أن ينام ، قرأت في بعض الكتب التربوية أن مثل هذا الطفل نتركه وكأننا لا نسمعه.
فعلت ذلك لكن دون جدوى ، ما يزعجنى أني أحرج أحيانا عندما أكون خارج البيت من هذا البكاء واحيانا أتوتر جدا حتى أقوم بضربه ضربا شديدا ، وأنا لا أحب الضرب لأني لم أتربى عليه ، لكن أفقد السيطرة عندما أضربه.
علما بأن والده قد سافر وابني عمره سنة ونصف ورجع وعمره ثلاث سنوات ، فلم يتعود عليه كثيرا لكن في فترة زيارة الأب يكون وضعه أحسن كثيرا ، خوفا من الوالد ولأنه يخرج معه أحيانا فيكون سعيدا، والمشكلة الأخرى أنه لا يطيعني ولا يفعل ما آمره به إلا بعد أن أكرر أكثر من مرتين أو ثلاثة أو لا يطيع إلا بمقابل مثلا إذا نظفت الغرفة أعطيك حلوى ، فيفعل مباشرة وإذا لم أقل له ذلك لا يفعل
علما بأن عمره الآن أربع سنوات تقريبا . ومما لوحظ في ابني أيضا أنه لا يبكي إلا بوجودي ولا يفعله مع غيري . ابني الأكبر وعمره ست سنوات وهو مطيع جدا ، ولا يبكي إلا نادرا ويتفهم كثيرا من الأمور
أما ابتى الصغرى فعمرها سنة وتسعة شهور وهي مدللة ومطيعة ولا تبكي إلا نادرا . أرشدني كيف أتعامل معه لأني قد ضقت ذرعا من هذا الأمر بارك الله فيكم وعفوا على الإطالة .
بسم الله الرحمن الرحيم .
الأخت الفاضلة أم معاذ:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
السبب في بكاء هو أنه تعلم منذ البداية أن يحصل على ما يريد بواسطة البكاء حتى أصبح البكاء بحد ذاته أمرا مرغوبا عند الطفل فالبكاء يشعره بالراحة والطمأنينة بذاته .
وبعبارة أخرى أصبح البكاء بالنسبة إليه طبع وعادة فهو يستسيغه ويحبذه ويلجا إليه لأنه يرضيه كغاية بذاته .
وهذا ناجم عن خطأ تربوي ناجم عن إرضاء الصغير كلما صرخ أو بكى واشتكى حتى يصبح البكاء أداة ووسيلة وغاية يصعب التخلص منها في المستقبل.
وما يزيد الأمر صعوبة هنا هو غياب الأب لفترات طويلة من الزمن وهذا يعني غياب السلطة التي تضمن أمن الطفل واستقراره فحضور الأب وعنايته بالطفل ضرورة تربوية لا مندوحة عنها ولأن الأب غائب فإن هذا الأمر يزيد من فرص لجوء الطفل إلى العويل والبكاء.
وقد بينت بأن الطفل يبكي في حضورك وهذا يعني أنك الوحيدة المسؤولة تربويا عن تأصيل هذه العادة لديه.
ما انصحك به:
أولا: أن تتركي الطفل يبكي حتى ولو لأيام دون الخضوع لمطالبه ويجب عليك في البداية أن تتحملي نتائج بكائه أي الإزعاج الذي يصدر عن البكاء .
ثانيا: أن تلبي حاجات الطفل الأساسية دون تردد وقبل أن يسترسل في البكاء طلبا لحاجته.
ثالثا: أن تهيئي للطفل جوا من اللب والمرح في المنزل أن توفري له ألعابه ومسراته دون انتقاص منها وهذا سعطيه فرصة للنمو والنضج .
رابعا: أن توغري للطفل بصورة مستمرة جماعات من الرفاق والأقران وهذا بحد ذاته سيساعده كثيرا على التخلص من هذه العادة نهائيا فجماعات الرفاق والأقران هي أفضل وسيلة لكي يتخلص الطفل من هذه العادة .
خامسا: حاولي قدر الإمكان أن يحصل الطفل على فرصة لقاء والده والتعامل معه لأن ذلك يساعده كثيرا في تحرير نفسه من هذه العادة .
سادسا: إياك أن تلجئي إلى الضرب والتعنيف لأن هذا هذا يزيد صعوبة المشكلة ويعقدها.
سابعا: عليك وضع الطفل في مدرسة رياش أطفال لأن ذلك يحقق لك فرصة كبيرة في ضمان نموه وتخلصه من العادات السيئة التي نجمت عن تربية سابقة لم تكن مؤهلة لتنمية الطفل . فالرياض تمكن الطفل من الاستقرار والهدوء والشعور بالأنا واحترام الذات وتكسبه أساليب جيدة في التفاعل مع المحيطين به.
أخيرا:
الطفل في كل الأحوال سيتخلص من هذه العادة عندما يكبر وينضج وما هي إلا فترة قصيرة أي مع دخوله للمدسرة حتى يتخلص من هذه العادة .
ونشكرك لتواصلك الكريم مع المستشار وفقك الله .
اسم الكاتب: أ.د.علي أسعد وطفة
مصدر المقال: موقع المستشار